الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
معاني الكلمات:
الغيب: ما لا يُدرك بالحواس.
تفسير الآية:
قَسّمت سورةُ البقرة الناسَ إلى ثلاثة أصناف: المؤمنين، والكافرين، والمنافقين، وبدأت بذكر صفات المؤمنين المتقين، الذين ينتفعون بالقرآن وهديِه، فمن صفاتهم: أنهم يؤمنون بالأمور الغيبيّة، التي أخبر الله تعالى بها، ولا يقفون عند الماديّات والمحسوسات كالبهائم! فالبهائم وحدها التي تحصر إدراكها في الحواس فقط! على عكس الإنسان، الذي وهبه الله حسًّا وعقلًا، فالحواس ليست نهاية الطريق، وإنّما الحواس هي نوافذ العقل، لتصله بالعالم الخارجي، فيُطلّ العقلُ من خلال الحواس على الحياة! وعندما تَدخل مُدركات الحواس إلى العقل، يقوم العقل بدوره في: التفكير والتمييز والفحص والرّبط والتحليل والاستنتاج، ويَقيسُ الغائبَ على الشاهدِ، والنظيرَ على النظير، والفرعَ على الأصل، إلى غير ذلك من مهمات العقل، ثم يصلُ العقلُ إلى نتيجة: أنَّ الوجود أكبرُ وأشملُ، من ذلك الحيّز الصغير، المحصور في إدراك الحواس، فيؤمنُ بالغيب، وبما وراء المادة.
وهؤلاء الذين يؤمنون بالغيب، يسهُل عليهم فهم القرآن والانتفاع بالقرآن، ولذلك مدح الله المتّقين بأنّهم يؤمنون بالغيب! ومن صفات المتقين: إقامة الصلاة بأركانها وشروطها وآدابها، وهي مظهر لطاعة الرّحمن، وأساسٌ لبناء الفرد، ومن صفاتهم: إنفاق المال في سبيل الله، وهو مظهرٌ للرحمة بالإنسان، وأساسٌ لبناء المجتمع!
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)
معاني الكلمات:
يوقنون: يصدّقون بلا شك.
تفسير الآية:
ومن صفات المتّقين: أنهم يؤمنون بالوحي الذي أُنزل على النبي ﷺ، وبالوحي الذي أُنزل على الأنبياء السابقين، دون تفريق، كما أنّهم: يصدّقون بالآخرة تصديقًا جازمًا، لا شبهة فيه ولا شك.
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
معاني الكلمات:
المفلحون: الفائزون.
تفسير الآية:
من جمَع صفات المتّقين السابقة، رزقه الله طريق الهداية، وجعله من الفائزين في الدارين.